التسميات

الاثنين، 27 يونيو 2011

في بيت الأمة


لثاني مرة أذهب إلى بيت الشهيد خالد سعيد ولا أجد ماما ليلى
صار المنزل جزءًا من المعالم السياحية في اسكندرية.. يأتي أصدقائي من مختلف المحافظات فتكون أولى رغباتهم زيارة منزل خالد
صار شعارنا بيت خالد بيت الأمة
كنت أتجنب دائمًا هذه الزيارة.. حتى لو ضُربت تحت المنزل من جحافل الأمن كنت أفر من أمام المنزل وكأني أهرب من مواجهة لن أستطيعها
هذا منزل خالد.. ستسقبلني والدته سأجد الحزن في عيونها.. يكفيني عتابي لنفسي
لأني أشعر أن خالد هو عار كل مصري.. مقتله في أعناقنا جميعا مازال معلقًا
أول مرة كانت زيارة قصيرة للغاية.. لم نجد ماما ليلى .. نزلنا نشعر بالحزن في أيادينا كتيبات أدعية وسور قرآنية أهداها لنا أحمد سعيد شقيق خالد..
هذه المرة كانت الزيارة أطول وأجمل.. باب المنزل مفتوح دائمًا ترحيبًا بالزوار
لا يمكن أن تذهب فتجد المنزل خاليًا من الناس الذين يفدون إليه كأنما يفرون إليه
وكالعادة لا يمكنك أن تنزل بيدك خالية.. ستجد أحمد يهب من فوره ليهديك شيئا ما.. أهدانا اليوم بادج لصورة خالد ونهلة مصطفى
وكأن الثورة مازالت تصر على أخذ أحباءها


دخلت المنزل واجفة.. هو ليس كأى منزل هو ملاذ.. وأذكر يوم وقفة رمضان الماضي عندما بدأ ضربنا من قبل الأمن أنه كان ملاذ الجميع، يحتمون بين جدرانه بالدفء وبذكرى خالد
جلست صديقتي الآتية من سفر تتجول بعينها وتبكي.. أحمد اتصل بماما ليلى لنحدثها في التليفون
حادثتها أولاً.. سألتني من أكون.. 
أجبت: أنا أخت من أخوات خالد..
أرادت أن تعرف اسمي قلت : منى خالد سعيد 
ضحكت.. لها ضحكة جميلة.. أحسست فرحة قلبها عبر أسلاك الهاتف تلمس اذني
أردنا أن نأخذ صورة للذكرى أمام صورته الجميلة.. الصورة التي لم يرها قط


دخل علينا أحمد شقيق خالد باسمًا وقال: من أذن لكم بالتصوير؟
ضحكنا: قلت هذا بيت الأمة
قال: (لما أقولكم كده المفروض تقولولي وأنت مالك.. مالكش دعوة ده بيتنا مش بيتك)
شربنا خروب أعده لنا أحمد وجلسنا نتحدث عن خالد.. عن ألف خالد قبله وألف خالد بعده
عن فساد مازال راسخًا.. جاثمًا.. وكرامة ما تزال مهانة
عن كلمة حق يخنقها البعض خوفًا.. أو طمعًا.. أو سلبية
هذا بيت مصري.. بيت أبي.. بيت أبيك.. بيت مصر كلها
عندما علم أحمد أن أصدقائي من القاهرة عرض علينا أن يترك الشقة حالآ ويعطينا مفتاحها
قائلا باللفظ: (أنا مش ببات في الشقة.. ح أخرج دلوقتي وتقفلوا عليكوا من جوة)
عندما جاءت صديقتي من الصعيد لتزورهم يومًا .. وعندما رأت وجه أحمد الباسم المشرق دائمًا بالابتسامة المجهدة قالت: "سبحان الله.. ده اللي بيقولوا عليه يهودي.. منهم لله"
نعم منهم لله.. هؤلاء أناس فقدوا زهرة بيتهم.. ثم أتهموا بكل تهمة.. سمعنا من أحمد ما لا قبل لعقل بتصديقه.. كم من الفساد والعطن والعفن تأبى النفس مجرد الحديث عنه
أنا أصدقه.. وأصدق قلبي
تلك السكينة التي أحسستها.. الراحة والاحساس بالأمان والأمل في ذلك المنزل
صوت تلاوة القرآن الذي لا ينقطع أبدًا.. هذا بيتي بكل ما تحمله كلمة بيت من معان
هؤلاء أخوة لي .. أمي الأخرى تعيش بينهم.. ولن أترك حق أخي يضيع
حق أخوتنا جميعا.. كل من مات قهرا وظلما.. شهداء الثورة وما قبل الثورة
كلهم خالد سعيد.. لكننا لسنا كذلك لأنهم أفضل منا.. هم دفعوا مالم ندفع.. ويستحقون أفضل كثيرًا مما نعطيه
يستحقون أن نبذل لهم ما يساوي دمائهم الطاهرة
هم تاج رؤوسنا.. وزهور مصر..
ومازال القتلة أحرار ينعمون بمذاق الدم..
تبًا لكل أصحاب الأيدلوجيات السياسية..أيدلوجيتي هى:
الدم أولاً.. الدم أولاً..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق